سورة الشورى - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشورى)


        


{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24)}
{أَمْ يَقُولُونَ} أم منقطعة للإنكار والتوبيخ {فَإِن يَشَإِ الله يَخْتِمْ على قَلْبِكَ} فالمقصد بهذا قولان: أحدهما أنه رد على الكفار في قولهم افترى على الله كذباً: أي لو افتريت على الله كذباً لختم على قلبك، ولكنك لم تفتر على الله كذباً فقد هداك وسددك، والآخر أن المراد: إن يشأ الله يختم على قلبك بالصبر على أقوال الكفار، وتحمل أذاهم {وَيَمْحُ الله الباطل} هذا فعل مستأنف غير معطوف على ما قبله، لأن الذي قبله مجزوم، وهذا مرفوع فيوقف على ما قبله ويبدأ به، وفي المراد به وجهان: أحدهما أنه من تمام ما قبله: أي لو افتريت على الله كذباً لختم على قلبك ومحا الباطل الذي كنت تفتريه لو افتريت، والآخر أنه على وعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يمحو الله الباطل وهو الكفر، ويحق الحق وهو الإسلام.


{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26)}
{وَهُوَ الذي يَقْبَلُ التوبة عَنْ عِبَادِهِ} {عَنْ} هنا بمعنى من، وكأنه قال التوبة الصادرة من عباده وقبول التوبة على ثلاثة أوجه: أحدها التوبة من الكفر فهي مقبولة قطعاً والثاني التوبة من مظالم العباد فهي غير مقبولة حتى ترّد المظالم أو يستحل منها والثالث التوبة من المعاصي التي بين العبد وبين الله فالصحيح أنها مقبولة بدليل هذه الآية وقيل: إنها في المشيئة {وَيَعْفُواْ عَنِ السيئات} العفو مع التوبة على حسب ما ذكرنا، وأما العفو دون التوبة فهو على أربعة أقسام الأول العفو عن الكفر وهو لا يكون أصلاً، والثاني العفو عن مظالم العباد وهو كذلك والثالث العفو عن الذنوب الصغائر إذا اجتنبت الكبائر، وهو حاصل باتفاق الرابع العفو عن الكبائر فمذهب أهل السنة أنها في المشيئة، ومذهب المعتزلة أنها لا تغفر إلا بالتوبة {وَيَسْتَجِيبُ الذين آمَنُواْ} فيه ثلاثة أقوال أحدها أن معنى يستجيب يجيب والذين آمنوا مفعول، والفاعل ضمير يعود على الله تعالى أي يجيبهم فيما يطلبون منه. وقال الزمخشري: أي أصله يستجيب للذين آمنوا فحذف اللام. والثاني أن معناه يجيب و{الذين آمَنُواْ} فاعل أي يستجيب المؤمنون لربهم باتباع دينه والثالث أن معناه يطلب المؤمنون الإجابة من ربهم واستفعل هذا على بابه من الطلب، والأول أرجح لدلالة قوله: {وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ}؛ ولأنه قول ابن عباس ومعاذ بن جبل. {وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ} أي يزيدهم ما لا يطلبون، زيادة على الاستجابة فيما طلبوا، وهذه الزيادة روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها الشفاعة والرضوان.


{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)}
{وَلَوْ بَسَطَ الله الرزق لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي الأرض} أي بغى بعضهم على بعض، وطغوا؛ لأن الغنى يوجب الطغيان، وقال بعض الصحابة: فينا نزلت لأنا نظرنا إلى أموال الكفار فتمنيناها.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10